العودة   لمسه ديزاين | لخدمات التصميم > الْرُكْن الإِسْلاَمي > نبضآت إسلآمِيـہ ~•

نبضآت إسلآمِيـہ ~• كل مايتعلق بديننا الاسلامي الحنيف على نهج اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-11-2021, 01:01 AM   #1

عملائي

العضوٌﯦﮬﮧ » 28
 التسِجيلٌ » Apr 2021
مشَارَڪاتْي » 9
 نُقآطِيْ » أمسيات is on a distinguished road
افتراضي الإيثار ثمرة الإيمان وواجب الزمان







السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم


الإيثار ثمرة الإيمان وواجب الزمان

لا يمكن للإيمان الكاملِ أن يتحقَّق بالأماني القلبية، أو الادِّعاءاتِ اللفظية؛ بل لا بد من عمل الصالحات التي يمدُّها القلب بالإخلاص في التوجُّه، واليقينِ في الأجر، وتترجمُها الجوارح في الهمَّة العالية والأداء المتْقَن.



ومن أبرز الأعمال التي تُثبت صدقَ الإيمان، وتدلُّ على رسوخه في أعماق صاحبه: ما كان متعلِّقًا بصِلاتِ المؤمن بإخوانه المؤمنين، بدءًا بسلامة الصدر من الأحقاد، وبتجنُّب نَزْغ الشيطان، إلى مستوى الإيثار، وتفضيل الغير على النفس، جاء في الحديث: ((مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحمَّى))؛ رواه مسلم، فالحديث يشير إلى رباط عاطفيٍّ متين بين المؤمنين، يتجلَّى في ثلاث صفات: (الود - الرحمة - العطف)، ويُلاحظ أنها مُرتَّبة بعضُها على بعض ترتيبَ النتائج على أسبابها؛ فالإيمان هو قاعدتُها وسببها مجتمعة، ثم إن كل صفة بعد ذلك تؤدي إلى التي تليها؛ فالرحمة الحقيقية منشؤها الحبُّ والودُّ، كما أن العطفَ هو أصدقُ تعبيرٍ عن الرحمة، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ((كالجسد الواحد)) يشير إلى ضرورة اجتماع هذه الصفات الثلاث في قلب المؤمن، وقوله: ((إذا اشتكى منه عضو)) يشير إلى تأثُّر هذه الصفات بعضها ببعض قوةً وضعفًا، تبعًا لمستوى زيادة الإيمان ونقصانه في قلب صاحبه؛ يقول ابن تيمية: "المؤمن يسرُّه ما يسرُّ المؤمنين، ويسوءُه ما يسوءهم، ومَنْ لم يكن كذلك، لم يكن منهم".



والصحابة الأوائل لتميُّزهم بالإيمان الصادق المتزايد، وجدناهم يترجمون هذه المعانيَ العاطفية في تعاملهم بعضهم مع بعض، حتى ارتقَوا من خلالها إلى أعلى مستوى في التعامل بين المتآخين في الله، وهو "الإيثار"، الذي يلتقي مع صفة "التضحية" في بذل الشيء النفيس؛ ابتغاءَ الثواب والأجر من الله، إلا أن الإيثار يتميز في أن نفاسة الشيء المبذول فيه تَكْمن في حاجة النفس إليه، كما أنه يختلف عن الجود والسخاء والكرم؛ إذ إن المعطي في هذه الثلاثة يبذل أكثر ما عنده، ولكنه يُبقي لنفسه وولده، يقول تعالى واصفًا هذا الجيلَ الأول في إيثاره الفريد: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].



فالآية الكريمة تُبين أن الدافع وراء هذا النوع من الإيثار المتميز هو الإيمان بالله، ثم الرسالة الدعوية التي جمَعَت المهاجرين والأنصار بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لإقامة المجتمع الإسلاميِّ الأول، ولحماية الدعوة من المتربصين بها، نفهم ذلك من قوله تعالى: ﴿ تَبَوَّءُوا الدَّارَ ﴾، فالمقصود بها "المدينة المنورة" التي كانت مهدًا لهذا المجتمع الأول، وحاضنةً لأفراده، ومنطلقًا بالدعوة في ربوع الأرض.



ويظهر أيضًا من هذه الآية الكريمة أن هذا الإيثار ليس كرهًا ولا غصبًا، ولا تهورًا وانفعالًا عارضًا؛ إنما هو حبٌّ صادقٌ، تغذيه قوةُ الإيمان، ووحدةُ الهدف؛ ولهذا اقتضى مجاهدةً لِشُحِّ النفس ومغالبةً لهواها، يقول ابن عمر: "أُهدي لرجل مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاةٍ، فقال: إنَّ أخي فلانًا وعيالَه أحوجُ إلى هذا منَّا؛ فبعث به إليهم، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر، حتى تداولها أهلُ سبعة أبيات، حتى رجعت إلى الأوَّل، فنزلت: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9]"؛ رواه البيهقي.



وغير ذلك من النماذج الكثيرة الباهرة، التي تدلُّ على أن الإيثار في المجتمع الإسلاميِّ الأول لم يكن حالاتٍ فرديةً عابرةً؛ إنما كان ظاهرةً سائدةً بين أفراد المجتمع، لم تكتفِ القيادةُ النبوية بالدعوة إليه، والحثِّ عليه، بل سارعت بإكرام المبدعين في تنفيذه، مثال ذلك: قصة الأشعريِّينَ عندما قدموا المدينة، فقال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم مثنيًا على صنيعهم: ((إنَّ الأشعريِّين إذا أَرْمَلُوا في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثمَّ اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسَّويَّة؛ فهم منِّي، وأنا منهم))؛ رواه البخاري.



فكافأهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأنْ نسَبَ نفسه إليهم، ونسبهم إليه؛ تشريفًا وتكريمًا، وفي ذلك دعوةٌ صريحةٌ للأمة أن تَحذُوَ حَذْوَهم في التكافُل والإيثار، ولعل وصول الأمة إلى تطبيق معنى الإيثار بينها على هذا المستوى هو أحد أهم أسباب انتصاراتها التاريخية الكبيرة في صدِّ كيد الأعداء والمتربِّصين، وفي تحقيق التمكين لمبادئ العدل والكرامة؛ ذلك أن توسيع دائرة الإيثار في التطبيق وانتشارها بهذه الصورة الواسعة حتى تشمل كلَّ قطاعات المجتمع - يعد دليلًا على قدرة هذا الجيل على مجاهدة النفس والانتصار عليها في أعنف المواجهات مع حظوظها وشهواتها؛ يقول أحد الدعاة المصلحين موجِّهًا حديثه للشباب: "ميدانكم الأول أنفسُكم، فإذا انتصرتم عليها، كنتم على غيرها أقدرَ، وإذا أخفقتم في جهادها، كنتم عما سواها أعجزَ؛ فجرِّبوا الكفاح معها أولًا".



ومع تأمُّل هذا المعنى، ندرك لماذا ختم الله تعالى الآية بقوله: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]؛ إذًا الإيثار من مقومات الفلاح، ومن مناقب المفلحين، ومجاهدةُ النفس لتحقيقه هي أقصر طرق النصر في ميادين الحياة كلِّها، وعند استحضار هذا المفهوم روحانيًّا وفكريًّا، يمكن تفسير قصة أمير المؤمنين عمر الآتية: (فقد أخذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أربعمائة دينار، فجعلها في صرَّة، ثمَّ قال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجرَّاح، ثمَّ تلكَّأ ساعةً في البيت؛ حتى تنظر ماذا يصنع بها، فذهب بها الغلام إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: وصله الله ورحمه، ثمَّ قال: تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السَّبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، حتى أنفذها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره، فوجده قد أعدَّ مثلها لمعاذ بن جبل، وقال: اذهب بها إلى معاذ بن جبل، وتلكَّأ في البيت ساعةً حتى تنظر ماذا يصنع، فذهب بها إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: رحمه الله ووصله، وقال: يا جارية، اذهبي إلى بيت فلان بكذا، وبيت فلان بكذا، فاطَّلعت امرأة معاذ، فقالت: ونحن والله مساكينُ فأعطِنا، ولم يبقَ في الخرقة إلَّا ديناران، فدحا بهما إليها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره، فسُرَّ بذلك عمر، وقال: إنَّهم إخوة بعضهم مِن بعض"؛ رواه أبو نعيم.



لقد كان الخليفة الراشد دائمَ المتابعة لرعيته، ليس فقط في معاشها وشؤون السياسة فيها؛ إنما أيضًا في إيمانها زيادةً ونقصانًا، وكان الإيثار هو أقوى مؤشِّرٍ له في قياس ذلك، ولم يكن رضي الله عنه فقط يُعدُّ الجيوش لمحاربة الكائدين المعتدين، ولجلب النصر المبين؛ إنما كان يتأكد أن جبهته الداخلية ما زالت مالكةً لزمام النفس، متغلبةً على الهوى، منتصرةً على شهواتها ونزواتها، وكان الإيثار بالنسبة له هو راية الفلاح والنصر في هذا الميدان.



هكذا استطاع الجيل الأول أن يتغلَّب بالمعاني على المباني، وبالروح على المادة، وباستهداف الآخرة ثوابًا أبقى، فوصلوا بهذه القيم النفيسة إلى أعلى القمم، وبهذه القلوب المتفانية إلى سعة الدنيا والآخرة.



ما أحوجَ الأمَّةَ اليوم - وهي تئنُّ من آلامٍ مضنيةٍ، ومصائبَ متعاقبةٍ- إلى أن توزع همومها ومصابها! فيتحمل أفرادها الفواجع والأحزان بالتسوية؛ مما يقصر عليها طول السهر، ويخفف من لوعة الحُمَّى.



ما أحوج الأمة اليوم - وهي تحارب في دعاتها ومصلحيها - إلى أن يتقاسم المبتلَون منهم بوفرة المال ورخاء الحال مما جعله الله تحت أيديهم مع إخوانهم وذويهم من أصحاب الحاجة والعَوَز! حتى يتحقَّقَ الانتصارُ الأكبر في الميدان الأخطر في مقاومة النفس.



ما أحوج الأمة - بقيادتها وأفرادها، بشبابها وشيوخها، برجالها ونسائها - إلى أن تقيم واقعها في ساحات المواجهة المفتوحة في العصر الحاضر! وأن تعلم أن طريقها نحو النصر والتمكين لمبادئ العدالة والحرية لن يكون إلا بعد رفع راية النصر عاليةً خفاقةً داخل أعماقها فوق الهوى والشح والأثرة والبخل والأنانية.



وإذا لم تتأهل النفوس بعد لمنزلة الإيثار بهذا المعنى العميق، فلا أقل من سلامة الصدور ودعاء الأسحار، يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].









كلمات البحث

إستايلات ، ديزاينات ، دورات ، تعليمات ، طلبات ، تصاميم ، دعم فني ،استفسارات،رسيرفرات ،هاكات،


أمسيات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
وواجب, الإيمان, الإيثار, الزمان, ثمرة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 12:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
This Forum used Arshfny Mod by islam servant