قديم 18-04-2021, 12:19 AM   #1

عملائي
 
الصورة الرمزية العطر

العضوٌﯦﮬﮧ » 8
 التسِجيلٌ » Apr 2021
مشَارَڪاتْي » 104
 نُقآطِيْ » العطر is on a distinguished road
افتراضي (أمناء)

بسم الله الرحمن الرحيم

إنها أساس الحياة، ومنطلق النجاح، والطريق السليم للسير، لا يمكن لأي عمل أن يوفق إلا بها بعد الله تعالى، ولا تستقيم خطط وآمال إلا بإحيائها، حملها ثقيل؛ غير أنه لا بد منه، ومسؤوليتها عظيمة؛ لكنها ضرورةٌ لحياة كريمة، بها نهضت شريعة الإسلام، وعليها قامت معالمه، وعلى ضوئها يعيش الناس، فكيف لو فُقِدَت!!

إنها الأمانة أيها الأمناء، إنها الأمانة التي ناءت بحملها السموات والأرض والجبال، {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}.

والأمانة مع ثقلها إلا أنها ليست مستحيلة، بل تتوج بها عباد الرحمن، حتى وصفهم الله بها فقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}.

والتفت إلى هذا التناغم اللفظي والمعنوي بين الإيمان والأمانة، في قول الحبيب صلى الله عليه وسلم : (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له) رواه أحمد وإسناده حسن.

والأمانة لا ترتبط بعمل دون عمل، ولا بوقت دون وقت، ولا بشخص دون شخص، ولا يكبر عليها كبير، ولا يستثنى منها غني أو فقير، أما يكفينا عظة في أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يسمى قبل بعثته بالصادق الأمين!
لقد أتى يهودي ليشتري منه ثوبين إلى الميسرة، فانتهزها اليهودي لينال من جنابه العظيم، وقال: قد علمت ما يريد، إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كذب؛ قد علم أني من أتقاهم لله، وأدّاهم للأمانة) رواه الترمذي وصححه الألباني.

ما أعظم الشهادة في سبيل الله تعالى، يفدي الشهيد دينه ووطنه وأمته بروحه غير أنه يحاسب على أمانته، فقد روى ابن كثير بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إن الشهادة تُكَفِّر كل ذنب إلا الأمانة، يؤتى بالرجل يوم القيامة وإن كان قُتل في سبيل الله تعالى، فيقال: أدِّ أمانتك، فيقول: وأنّى أؤديها وقد ذهبت الدنيا!؟ فتمثل له الأمانة في قعر جهنم فيهوي على أثرها أبد الأبد).
وليست الأمانة أمرًا مندوبًا أو نفلاً، بل إن أداءها على وجهها أمر واجب حتمي، ألم نقرأ قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}.

وليست الأمانة أمرًا مستغربًا على النفوس لا تعرفها إلا من دينها، بل هي فطرة فُطر الإنسان على معرفته، غير أنه مرة يوافقه، ومرة يخالفه، ولكلٍ جزاء، فعن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ، حَدَّثَنَا: أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ [أي في أصلها]، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا؛ قَالَ: يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ [أي مثل النقطة]، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ [أي: كمثل أثر العمل في اليد]، كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا [أي مرتفعًا]، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا) رواه البخاري.

ويا لمحبة الله لصاحب الأمانة التي يرعاها في نفسه وأهله وعمله ووقته وفي كل شيء، إنها محبة الله، لا شيء أغلى منها، لا يستحقها إلا الأمين، قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : (من سرّه أن يحبه الله ورسوله فليصدق حديثه إذا حدّث، وليؤد أمانته إذا ائتمن) رواه البيهقي وحسنه الألباني.

إنها الأمانة مقياس العمل الجاد الناجح حينما تقترن بالقوة، قال تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}، إنها الأمانة التي كان يودع بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وجيوشه فيقول لهم: (أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ وَأَمَانَتَكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكُمْ) رواه أبو داود وصححه الألباني.

إنها الأمانة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلي بها شأن حذيفة رضي الله عنه فيقول: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا ـ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ ـ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ) رواه البخاري.

إن وراء الأمانة لَسؤال ونقاش وجزاء، هكذا تحمَّلها الإنسان، فليؤدها بكل جوانبها وحقوقها، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري.

والمجتمع الأمين يَقَدِّر الأمناء في كل مسؤولياتهم، يجل فيهم سمو أخلاقهم، وقوة إرادتهم، ويبقي لهم ذكرًا خالدًا في الأنفس وعلى سطور التاريخ، فوالله إنك لتسمع ـ مثلما أسمع ـ عن ذلك التاجر في صدقه وأمانته، حتى ترى من الناس معه إقبالاً وحبًا وجميل معاملة، ونبل تعاون؛ لأنه ترفَّع بأمانته عن الغبن في الأسعار، والغش في البضاعة، فيعطيه الله تعالى بركة في رزقه وصحته وذريته.

كم ترى من الحرمان من السعادة في حياة الغشَّاشين، وهموا بغشهم لغيرهم أنهم أكثر ذكاء وفطنة ودهاء، غير أنهم باءوا بالاحتقار والازدراء من عامة الناس قبل خاصتهم، سمعوا ذلك بأنفسهم، أو لاكتهم الألسنة من خلف ظهورهم في الدنيا، أو حكمت عليهم بعد موتهم، فبئس الخيانة وصفًا وذكرًا وشؤمًا.

ويعظم خطر الأمانة، حينما ندرك أنه معنى خفي، إقامته على وجهه ورعايته كما يجب إنما يصدر من قلب صادق مع الله تعالى، ومن نفس قوية الإيمان، ومن يدٍ كريمة لم تتجرع ذل البخل ولا دناءته، ومن عين لا يبهرها بريق الخيانة الزائف، إن للأمين لَنَفْس لوَّامة لا تتركه يتطاول على حقوق غيره ظلمًا أو بهتانًا أو سرقة أو غلولاً، وإلا فأين الأمانة!

لا تَرْجِعُ الأنْفُسُ عن غَيِّهَا --- ما لم يَكُنْ مِنْهَا لها زَاجِرُ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ) رواه البخاري.

إنه مؤشر خطير ودقيق على ضياع أساس الصلاح في النفوس، فماذا يبقى للناس إذا فقدوا الأمانة بينهم! فخانوا الله في دينهم، وخانوه في أعمالهم، وخانوه في حوائج الناس الذين استأمنوهم على قضائها.

والمدارس والأسر والمساجد هي محاضن التربية على الأمانة، فيها ينبغي أن يربى الجيل على الأمانة؛ لينشأ عليها، وينطلقَ في مسارها، فهل راجع المربون باختلاف مسؤولياتهم أنفسهم في شأن الأمانة؟ إنه لو كل فرد منا تقلد الأمانة بحقها، وأداها على وجهها كما أداها عباد الرحمن، لسارت الأمة على سفينة آمنة، لا تضرها الأمواج، ولا تخرقها أيدي العابثين.

اللهم احشرنا في زمرة الأمناء، وأعنا على أداء الأمانة.


الموضوع الأصلي: (أمناء) || الكاتب: العطر || المصدر: lmsa-des © لمسه لخدمات التصميم

كلمات البحث

إستايلات ، ديزاينات ، دورات ، تعليمات ، طلبات ، تصاميم ، دعم فني ،استفسارات،رسيرفرات ،هاكات،


العطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-2021, 12:20 AM   #2

تجاهل أولئك الذين يرددون “مستحيل”.
 
الصورة الرمزية LMSA

العضوٌﯦﮬﮧ » 2
 التسِجيلٌ » Apr 2021
مشَارَڪاتْي » 387
 نُقآطِيْ » LMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud ofLMSA has much to be proud of
افتراضي


أثابك الله الأجر ..
وَ أسعد قلبك في الدنيا وَ الأخرة
دمت بحفظ الرحمن .
LMSA غير متواجد حالياً  
 توقيع : LMSA
 


【•سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ،•،سُبْحَانَ اللَّه الْعَظِيم•】


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(أمناء)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 12:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
This Forum used Arshfny Mod by islam servant